رياضة لا تخذلونا...
لم يحقق المنتخب الوطني التونسي يوم الأحد الماضي النتيجة التي كان ينتظرها منه الجمهور الرياضي العريض في مباراته ضد منتخب الرأس الأخضر، حيث اكتفى بتعادل في طعم الهزيمة رغم تقدمه في النتيجة، ولعلّ الأمرّ من التعادل هو ذلك المردود المهزوز والأداء الباهت الذي ظهر عليه نسور قرطاج في أغلب ردهات المباراة بسبب غياب الإنضباط التكتيكي والتضارب في الأدوار وعدم اختيار اللاعب المناسب في المكان وفي التوقيت المناسبين أيضا.. أمام الرأس الأخضر غابت الجرأة والنجاعة والمبادرة وكان المنتخب تائها خارج الموضوع رغم أن كل المؤشرات التي سبقت المباراة كانت توحي بعكس ذلك في الأداء والنتيجة معا.
إنتهت المباراة إذن على نتيجة التعادل، تعادل أغضب التونسيين وأسعد المنافس، وتلك هي أحكام الكرة.. المهم الآن أن نستوعب الدرس ونصلح الأخطاء ونُرتّب البيت من جديد ونتحلّى بالثقة في أنفسنا مع احترام المنافس.. هذا المنافس الذي لن يكون سوى المنتخب الزمبي الذي شارك في 17 مناسبة في نهائيات كأس أمم افريقيا والفائز بنسخة البطولة سنة 2012، زامبيا التي شاهدناها في مباراتها الأولى أمام جمهورية الكونغو الديمقراطية والتي انتهت على نتيجة التعادل الإيجابي بهدف من الجهتين تفرض على منتخبنا الوطني احترامها والإعداد لها جيدا لأن الخروج بنتيجة إيجابية في هذه المواجهة المرتقبة تتطلّب بذل جهد مضاعف وتركيز تام واستعداد بدني وذهني وحسن تعامل مع الظروف التي ستدور فيها المقابلة خاصة من ناحية الارتفاع ( l'altitude ) التي يمكن ان تمثّل عائقا للاعبينا إذا لم نحسن التعامل معها على الوجه المطلوب..
وما دمنا نتحدث عن نهائيات كأس أمم افريقيا لابد من التذكير بالظروف الصعبة التي تعرّض لها المنتخب التونسي ومنتخبات إِفريقية أخرى مشاركة في الدورة على مستوى الاستقبال والإقامة ونقص المياه نتيجة عدم استكمال الإستعدادات في غينيا الإستوائية لهذه النهائيات بعد أن كان المغرب الشقيق هو البلد المؤهل والمرشح لاحتضانها..
على أية حال مازالت افريقيا تعاني العديد من المشاكل والصعوبات وخاصة النقائص في المرافق الضرورية والأساسية مثل الفنادق والنقل والملاعب لاحتضان مثل هكذا دورات، ولكن كل ذلك - ورغم تأثيره على الوفود بما في ذلك المنتخب التونسي - لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون ذريعة لتبرير عثرة أو إخفاق أو هزيمة.
الكرة الآن بين أرجل اللاعبين والإطار الفني لتحقيق الانطلاقة المطلوبة والنتيجة المرجوّة في مواجهة يوم الغد أمام المنتخب الزمبي..
علينا في هذه المباراة أن ننسى مشاكلنا..
علينا أن ننسى نقائصنا
علينا أن نتجاوز الصعوبات التي اعترضتنا..
علينا أن نٌؤمن بحظوظنا وعلينا أن نكون في مستوى انتظارات شعب ملّ الأزمات والصدمات والأحزان..
فكرة القدم بشكل خاص والرياضة بشكل عام يمكن أن تكون فرصة كبيرة لنسيان همومنا - ولو إلى حين - وهي قادرة بفعل قدرتها الكبيرة على التأثير في الناس أن تُقرّب بينهم وتقلّل من حدة التوتُّر والتشنُّج القائم في بلدنا في السنوات القليلة الفارطة، فالكرة وحدها اليوم القادرة على إدخال الفرحة في قلوب الناس، وهي وحدها أيضا القادرة على توحيدهم بعدما فرّقتهم الأحزاب والفرق، وبالتالي فإن أهمية كأس أمم إفريقيا بالنسبة إلينا كتونسيين تتجاوز كونها مجرّد مناسبة رياضية إلى حدث قد يكون بوّابة أو سببا في صنع فرحة على قلوب شعب أنهكته التهديدات وصدمته الاغتيالات ودمَّرت أعصابه الإعتصامات والإضرابات والتجاوزات .. وحتّى اللامبالاة، لأجل ذلك نريد الفوز والتألق والذهاب بعيدا في هذا المونديال الافريقي.. فلا تخذلونا.
بقلم: عادل بوهلال